admin مدير
عدد المساهمات : 678 تاريخ التسجيل : 07/09/2010 العمر : 58
| موضوع: قصة البلاك بلوك بمصر الخميس 14 فبراير 2013, 23:36 | |
| البديع- تعتبر الحركات الاحتجاجية السلمية الاجتماعية والسياسية التي شهدها المجتمع المصري من الظواهر الاجتماعية الجديدة التي انتشرت قبل قيام ثورة 25 يناير 2011، والتي أسهمت بدورها في أن تكون فاعل رئيس في الثورة المصرية. إلا أنه مع بداية عام 2013 ومع الذكری الثانية لثورة 25 يناير ظهرت علی الساحة المصرية، مجموعات احتجاجية عنيفة، ضد الدولة ، خرجت عن نطاق السلمية وأطلقت علی نفسها مسمی البلاك بلوك" Black Block" أو الكتلة السوداء ، والتي تتميز بزيها الأسود والأقنعة التي يرتديها أعضاؤها.
ونظرا لحداثة الظاهرة في المجتمع المصري نحاول في هذا التقرير تناول تصنيف الظاهرة، ثم نتناول عوامل ظهور حركة البلاك بلوك في الشارع المصري ، بالإضافة إلی مدی استجابة الشارع المصري لها، فضلا عن كيفية تعامل الدولة المصرية مع تلك الظاهرة الجديدة .
البلاك بلوك متغير حديث في الشارع المصري :
تصنف مجموعات البلاك بلوك ضمن الاحتجاجات الیسارية المتطرفة ، وتدخل ضمن المجموعات الأنارشية ، أي الفوضوية ، والتي تؤمن بحالة اللادولة، حيث إن الدولة غير مرغوب فيها ولا يوجد ضرورة لوجودها- حسب وجهه نظرهم- فهي مجموعات لا تهاب السلطة وتؤمن باستخدام العنف لإقامة مجتمع يقوم علی العدالة والمساواة.
وظهرت هذه الحركات في مصر في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في المجتمع، ومع قابلية المواطن المصري لعدم احترام هيبة الدولة ،خاصة في ظل كسر حاجز الخوف من السلطة والدولة مع قيام ثورة يناير، وتراجع مفهوم الدولة وزيادة الدولة رخاوة في مصر بعد الثورة ، وبالتإلی تعيد تلك الحركات التفكير في العلاقة ليس فقط بين المجتمع والدولة ، ولكن بين الشارع والدولة.
عوامل ظهور حركة" البلاك بلوك" في الشارع المصري :
يمكن تناول خمسة عوامل لظهور حركة البلاك بلوك في الشارع المصري مع الذكري الثانية لثورة يناير، تتمثل في الآتي :
العامل الأول : ظهرت كتكتيك لمعارضة حكم الإخوان المسلمين، خاصة في ظل غياب الدولة واهتزاز القرارات السياسية التي يتخذها الرئيس ، واستمرار تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فهي حركة - كما أعلنت عن نفسها- لا تهاجم مؤسسات ومنشآت الدولة في حد ذاتها، ولكنها ترفض سياسات الإخوان، حيث أعلنت حركة البلاك بلوك علی صفحات التواصل الإلكتروني -الفيس بوك- أنها تعارض نظام الرئيس محمد مرسي لأنه يعبر فقط عن الإخوان المسلمون وبالتإلی يريد أعضائها الدفاع بكل ما يملكونه من وسائل عن المتظاهرين في مواجهه الإسلاميين، وذلك كرد فعل خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها المظاهرات السلمية خلال أحداث قصر الاتحادية التي وقعت في ديسمبر 2012. وقد أعلنت هذه المجموعات بصور مختلفة عن أهدافها ، فهم يعلنون عن أنفسهم بأنهم مجموعة من شباب الثورة وشباب الألتراس و شباب عاديون كانوا في الصفوف الأمامية في كل المواجهات التي كانت مع الشرطة في أحداث الثورة ، ولم تجد وسيلة لمواجهة الإخوان إلا بمواجهة النظام بتنظيم موجود على الأرض في كل المحافظات وليس هدفهم حرق او تخريب الدولة وإنما هدفهم محاربة نظام الاخوان حتى يسقط. كما أعلنت أنها مجموعة تبحث عن القصاص لشهداء الثورة، وتهدف إلى حماية المتظاهرين وتبحث عن العدل والمساواة في المجتمع.
العامل الثاني: نتيجة لإصابة الشباب بالإحباط واستمرار النظام الحاكم في تجاهل التعامل مع القوی والمجموعات الشبابية، حيث إن لجوء عدد من الشباب للعنف في التظاهر والتعبير عن آرائهم، هو نتاج طبيعي لتجاهل الدولة والنظام لطاقتهم التي كانت سبباً رئيسياً في نجاح ثورة25 يناير2011، فضلاً على شعور الشباب بأن هدفهم الذي خرجوا من أجله في ثورة يناير لم يتحقق، وهو ما جعلهم أكثر عنفا في التعبير عن آرائهم لتحقيق أهداف الثورة .
العامل الثالث: نتيجة للانشقاقات بين القوی السياسية المعارضة وتعدد الأحزاب والائتلافات والتحالفات التي أصبحت علی خلاف واضح فيما بينهم. وفشلها في استيعاب القوى والمجموعات الشبابية تحت إطار واحد بعد الثورة.
العامل الرابع: نتيجة للعنف الذي يشهده الشارع المصري بين المؤيدين والمعارضين للنظام السياسي، فقد أعلنت تلك المجموعات أنها جاءت كرد فعل لجماعة الإخوان المسلمين التي تستخدم العنف للدفاع عن شرعية الرئيس محمد مرسي. وبالتإلي فهي حركه تقوم بمبادلة "العنف" الذي تقوم به الميلشيات الدينية من خلال "العنف" حسب وجهه نظرهم، فهم مجموعات تؤمن بالعنف لتحقيق أهدافهم .
العامل الخامس: لمواجهه قوات الأمن ،خاصة في ظل استمرار الشرطة في التعامل العنيف مع الشارع ومواجهتها للمتظاهرين ودعمها للنظام الحاكم .
حركة" البلاك بلوك" تثير الجدل بين الرأي العام المصري:
أثارت حركة البلاك بلوك الجدل بين الرأي العام المصري وسط اختلاف وتضارب في الآراء بين مؤيد لها يری أن هناك مبررا لسبب ظهورها وأنها وسيلة جديدة وغير تقليدية للضغط علی السلطة لتنفيذ مطالب المتظاهرين. وأنها نوع من أنواع الموازنة السياسية في الشارع المصري بين المدنيين والإسلاميين من جانب ، وبين معارض لوجودها بسبب خطورتها من جانب آخر، حيث تتمثل خطورة هذه المجموعات في أنها تؤمن بالعنف وتميل لتخريب الممتلكات العامة والخاصة وتستخدم قنابل المولوتوف والحجارة ، بالاضافة إلی قدرتهم علی الدخول في حرب شوارع مع الأمن، فضلا عن أن الأمن لا يعرف بالتحديد أعضاء البلاك بلوك ولا طاقاتهم ولا امكانياتهم ولا حدودهم ولا أفكارهم أو منهجيتهم أو ردود أفعالهم. فأعضاء البلاك بلوك مجهولون، يحمون ويخفون وجوههم، كما أنهم في الغالب يخفون هويتهم فلا يحملون بطاقات هوية بحيث يسهل التعرف علیهم إذا وقعوا في قبضة الأمن، ومن ناحية أخرى، فهم يتخفون خلف قناع، وبالتإلي يصعب تصويرهم خلال الأحداث، ومن ثم يصعب التعرف علیهم والتحقيق معهم بسهولة.
وقد أثارت الحركة غضب كثير من القوی السياسية لاستخدامها أدوات عنيفة للتعبير عن آرائها، وهو ما رأوا أنه ربما ينعكس على صورة المعارضة التي ترفع شعار السلمية ونبذ اللجوء إلى العنف خلال الاحتجاجات. في حين رأت مجموعه أخری من المعارضة ضرورة عدم التعامل الانتقائي مع مجموعات البلاك بلوك وطالبت الدولة بفتح جميع ملفات العنف الذي شهدها المجتمع المصري في الفترة الأخيرة، خاصة أحداث الاتحادية التي سقط فيها ضحايا مدنيين في ديسمبر 2012، وذلك كنوع من أنواع الضغط علی الإسلاميين.
تعامل الدولة مع "البلاك بلوك" في مصر :
تعتبر مجموعه البلاك بلوك نوعا من أنواع الانفلات الأمني وبالتإلي فهي من الناحية الأمنية تمثل خطرا علی الأمن لأنها تستخدم العنف للتعبير عن آرائها، ومن ثم لا يمكن السيطرة على ردود أفعالها وقد تكون أحد وسائل انتهاك قوة القانون بالدولة, وقد يمتد أثرها السلبي في قيام بعض عناصر البلطجة والجريمة بانتهاج نفس الأسإلیب التي تستخدمها حركات البلاك بلوك لتحقيق أهدافها غير المشروعة.
وقد اتهمت السلطات الأمنية المصرية هذه الجماعات بأنها تستخدم أسلوب العنف ، وأنها صنيعة لجهات خارجية، وتعمل من أجل أجندات سياسية خاصة، في حين ترد هذه الجماعات بأنها تمثل الثوار، وأنها جماعات مصرية أصيلة خرجت من صفوف الشعب المصري.
وبعد التحقيقات الأولية صنفت النيابة العامة تنظيم البلاك بلوك كجماعة إرهابية منظمة، وأمرت بضبط وإحضار كل من هو منتم لهذه الحركة، بتهمة إنشاء منظمة إرهابية وإدارتها.
وأصدر النائب العام قرارا بالقبض على شباب مجموعة «البلاك بلوك»، وجاء القرار وفقا للمادتين ( ٨٦ )و(٨٦ مكرر ) من قانون العقوبات.
فالمادة ٨٦ من قانون العقوبات نصت في موضوعها على تعريف واضح للإرهاب، وهو يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو للعنف أو للتهديد أو الترويع، يلجأ إلیه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء علیها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة، أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح، فهو يعتبر، وفقا للقانون، إرهابياً.
في حين تنص المادة ٨٦ مكرر، على أنه يعاقب بالسجن كل من أسس أو نظم أو أدار، على خلاف أحكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأى وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو السلام الاجتماعي، وأن يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من تولى زعامة أو قيادة ما فيها أو أمدها بمعونات مادية أو مإلیة مع علمه بالغرض الذي تدعو إلیه، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات، أو العصابات المنصوص علیها في الفقرة السابقة، أو شارك فيها بأى صورة، مع علمه بأغراضها.
قوة القانون أم قوة الاحتواء؟
من الأفضل أن تسعى الدولة للتفاعل مع مثل هذه المجموعات الشبابية بالتحاور والاحتواء وتوجيه مجهودات هذه المجموعات للعمل بحيث بمكن الاستفادة منها بصورة إيجابية، خاصة وإنها مجموعات ليس لديها إطار فكري أو أيديولوجي ثابت ومحدد وواضح وإلا ستظل أحد الكيانات غير المسيطر علیها والتي يمكنها أن تنفجر في أي وقت ومع كل موقف ، وبالتإلي تكون قابلة للاستمرار، لأنها مجموعة من الشباب الغاضب والمتحمس للدفاع عن آرائه حتی ولو بصورة عنيفة للضغط علی النظام السياسي القائم. لذلك فالتعامل مع هذه المجموعات لا يمكن أن يكون أمنيا فقط ، لأنه في هذه الحالة سيؤدي إلی انضمام عناصر جديدة من الشباب للدفاع عن شباب البلاك بلوك خاصة في ظل قدرة الشباب علی التعامل مع مواقع التواصل الإلكتروني والترويج لأفكارهم من خلال الإنترنت.
فالتعامل يجب أن يكون اجتماعيا وسياسيا، وذلك للتفاهم مع هؤلاء الشباب وفهم أفكارهم وتطلعاتهم . فتدخل الأمن وحده سوف يكسب الشرطة حالة جديدة من العداوة ، كما يؤدي إلی خسارة مزيد من الأرواح والطاقات. المصدر: الأهرام
| |
|