فلسفة الحياة الزوجية
العلاقة بين الزوجين لم تكن هي مجرد علاقة جنسية وانتهي كل شيء بل هي هذا وغيره . الحياة الزوجية أعمق مما نتصوره ونفكر فيه ... فهي الحب والحنان والسعادة والأنس والانسجام والتواضع والإخاء والطمأنينة والتضحية والسكون والعشق بين الطرفين . وبناء المجتمع بناءً محكماً يقوم على العدل والاحسان ، والابتعاد عن الفوضى والرذيلة .
الزوجة
المرأة في الحياة الزوجية تمثل أهم الفردين فيها ، فهي العمود الفقري لها لذلك ركز الإسلام على أهميتها في نفسها بواجباتها وما ينبغي أن تقوم به في هذا الجانب .
إن الرواية الآتية تكشف لنا الكثير عن فلسفة الحياة الزوجية وما الذي يجب على الرجل أن يفعله ويتصف به في سبيل إقامة حياة زوجية سعيدة .
الحياة الزوجية في قواعدها الأساسية
( لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي :
1- الموافقة : ليجلب بها أ) موافقتها . ب) محبتها . ج) وهواها .
2- حسن خلقه معها .
3- استعمال استمالة قلبها : أ) بالهيئة الحسنة في عينها . ب) توسعته عليها .[1]
هذه الرواية التي تشرح القواعد الأساسية في العلاقات الزوجية وما يلزم أن يقوم به الزوج .
في الواقع هذه الرواية تؤسس عدة قواعد متينة ورصينة لتعامل الزوج مع زوجته وتعاون الزوجة مع زوجها في بناء الحياة السعيدة والعيشة الرغيدة وهي من أهم الأمور في الثقافة الزوجية بعد الزواج .
الزوج
الرجل يتحمل المسؤولية الكبرى في بناء العائلة الصالحة والحياة الزوجية السعيدة وهذا يتطلب منه أن يعطي من نفسه الشيء الكثير والرواية المتقدمة تعرض بعض ما يلزم الزوج أن يقدمه لزوجته في هذا المجال .
1- الموافقة :
لا يمكن لكل من الزوجين أن تحصل لهما راحة وسعادة إلا إذا توافقا وانسجما فيما بينهما وحينئذ ينبغي للزوج أن يكون عنده مرونة ولين وسياسة في معاملة زوجته فيكون موافقاً لها بمعنى منسجماً معها وبذلك يتحقق ما يلي :
أ-موافقة الزوجة له وهذا أمر مهم جداً في حياتهما .
ب-محبتها : ومحبة الزوجة لزوجها يشكل أهم قاعدة تبتني عليها الحياة الزوجية السعيدة وهذا ما يسعى إليه كل رجل ويطلبه الزوج من زوجته .
ج-هواها : فإن هواها ورغباتها تكون منسجمة مع هواه ورغباته ويتمكنا من القضاء على 90% من المشاكل العائلية .
وقد أكدت الروايات المتعددة أنه ينبغي للرجل أن يكون عنده انسجام وموافقة وسياسة في التعامل مع زوجته والانفتاح معها بشكل لا يؤثر على شخصيته ولا يؤدي بها إلى الانحراف .
2-وحسن خلقه معها : إن حسن الخلق من الزوج والزوجة يحققوا لهما أهدافاً كثيرة هما بأمس الحاجة إليها وذلك :
أ)يجلب خير الدنيا والآخرة .
من بركات حسن الخلق أنه يحقق لصاحبه خير الدنيا والآخرة كما عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
( إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة ) [2] وقد مدح الله سبحانه وتعالى نبيه بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .
فمن القواعد الأساسية لكل من الزوجين حسن الخلق وأن يكون ذلك طبعاً فيهما لا تطبعاً وبالأخص عند الزوج .
ب)طول الأعمار : إن حسن الخلق يعمر الديار ويطيل الأعمار
ج)عيشة هادئة : إن حسن الخلق يجعل الحياة الزوجية هادئة وهنيئة ولا تكون العيشة بين الزوجين سعيدة إذا لم يكن هناك حسن الخلق فحسن الخلق هو أهنأ وأفضل عيش وهذا ما تطلبه الزوجة من زوجها فإنها سوف تعيش معه طيلة حياتها وحياته فإذا كان سيء الخلق فسوف تهجم عليهم الأمراض والهموم والأحزان فحسن الخلق من الزوج مطلب أساسي في الحياة الزوجية السعيدة .
د)طيب العُشْرة : إن حسن الخلق يحقق لكل من الزوجين عُشْرة طيبة لكل منهما طيلة حياتهما
التركيز على حسن الخلق
الإسلام ركز على حسن خلق الزوج في حال الخطوبة كعنصر أساسي لا يمكن التخلي عنه في الزوج ، فقد جاء عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة وفساد كبير ) [6] .
فإنا نرى في هذا الحديث التركيز على حسن الخلق في بداية الحديث بل قدمه على الدين لما له من الأهمية في حياة الزوجين ، وأن التدين بلا أخلاق لا يكفي .
هـ)نصف الدين : الأخلاق الحسنة نصف الدين كما عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : ( الخُلق الحسن نصف الدين ) [7] ومن لم يكن عنده أخلاق حسنة فقد ذهب نصف دينه ، ويخطأ الكثير من الناس الذين يجردون الدين أو المتدينين عن صفة الأخلاق الحسنة .
و)أكمل الإيمان : إن صاحب الخلق الحسن إذا كان مؤمناً يكون أكملهم إيماناً وأن المؤمنين يتفاضلون في إيمانهم بحسن أخلاقهم
شخصية الزوج
من الأمور المهمة التي تساعد على الحياة الزوجية الطيبة هو وجود شخصية للزوج يتمتع بها سواء كانت ثقافية أو علمية أو اجتماعية أو سياسية فإن شخصية الزوج وأهميته تساعد على حل مشاكله ومما يميل قلب الزوجة إليه ، والذي يبدو أن هذه الظاهرة موجودة عند بعض الحيوانات والطيور .
شخصية العصفور
روي أن سليمان عليه السلام سمع عصفوراً يقول لعصفورته : لِمَ تمنعيني نفسك ، ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر ؟ فتبسم سليمان من كلامه ، ثم دعا بهما . فقال للعصفور : أتطيق أن تفعل ذلك ؟ فقال : لا يا رسول الله ولكن المرء قد يزين نفسه ويعظمها عند زوجته ، والمحب لا يلام على ما يقول .
فقال سليمان عليه السلام للعصفورة : لِمَ تمنعيه من نفسك وهو يحبك ؟ فقالت : يا نبي الله إنه ليس محباً ، ولكنه محب مدع ، لأنه يحب معي غيري .
فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان وبكى بكاءاً شديداً ، ، واحتجب عن الناس أربعين يوماً يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته ، وأن لا يخالطها محبة غيره .[11]
الأمر الثاني
مما يوجب ميلان الزوجة إلى زوجها توسعة الزوج على زوجته فإن السخاء والكرم ممدوح والبخل مذموم على الع** في النساء فإن البخل ممدوح لهن والسخاء منهن مذموم لأن المرأة ينبغي لها أن تحافظ على مال زوجها .
وفيما يرجع إلى توسعة الزوج على عياله قد ورد التأكيد عليه في أكثر من رواية منها ما جاء في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إن من خيار رجالكم التقي النقي السمح الكفين ، السليم الطرفين ، البر بوالديه ، ولا يلجئ عياله إلى غيره ) [12] .
فالتوسعة على العيال صفة حسنة في الزوج تسبب محبة الزوج إليه .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين